تصيبك الحيرة من التوصيفات المتباينة لبعض الجهات القتالية فبين التوصيف بالجهادية إلى التوصيف بالمقاومة إلى التوصيف بالإرهابية كلها توصيفات تتقاطع في حمل السلاح كمظهر إيديلوجي بارز للعيان تختلف في المفهوم كفكر إيديلوجي يرتبط بالتفكير والعقيدة. وأكثر الجهات تخبطا للتوصيف هي الجهات الاعلامية فتارة تنقل عن حركة ما تتبنى عملية ما قد زهقت فيها أرواح مواطنين أبرياء لخلاف عقائدي فتصفه الجهة الإعلامية بأنه عمل إرهابي ثم بعد ايام قليلة تتبنى نفس الحركة قتل جنود محتلين فتوصف بالمقاومة. فهل يمكن أن تتركب الحركة الواحدة من خليط غير متجانس من المقاومة والإرهاب.
ربما يحلو للبعض أن يصف تلك المفاهيم باعتبار منشأ انتزاعي للوقائع الخارجية فكل عملية تقوم بها الحركة لها وصفها الخاص بها ينتهي مسمها الوصفي بانتهاء العملية لتبدأ بمسمى آخر بقيامها بالعملية القادمة.هذا التوصيف الانتزاعي أشبه بتوصيف آلة ليس لها عقلية عقائدة إلا ما تحتضنه من خردة مركبة منها.
ينبغي لنا قبل توصيف العمليات القتالية أن نصف العقلية الكامنة في تفكير الحركة، فكل حركة تتبنى مجموعة من الأفكار يشكل على أساسها منطلقاتها في اتخاذ القرارات المختلفة وهي على هذا لا ترى أنها ذات تناقضات داخلية في طريقة تفكيرها أو ما تحمله من أفكار، وعلى هذا الأساس فكل عملية تطبق على ارض الواقع نابعة من مبادئها الموحدة في ذاتها وليست من مبادئ تراها هي متناقضا، وبهذا يكون الوصف لها واحدا كما هي تراه وكما يجب علينا أن ننظر إليه.فإما أن تكون الحركة إرهابية حسب المعطيات الفكرية لها وإما أن تكون حركة مقاومة بما تتمثله من أفكار صحيحة في كل معطياتها يكون المستهدف الوحيد هو المحتل وليس الشعب جزء منه.
نعم لا أحد يختلف على أن طرد المحتل عن أرض الوطن واجب شرعي ولكن عندما يكون طرد المحتل بأيدي أثيمة بقتل الأبرياء فإن ذلك لا يصوبها في صحة العمل، فالسارق لو تبرع بكل ما سرقه للأيتام والأرامل بعد قتله للمسروق فأن تبرعه لا يعتبر صدقة يثاب عليها ولا يمكن تصويب عمله. وهكذا عندما تتبنى حركة في نظريتها قتل الأبرياء بلا ذنب اقترفوه لأنهم يخالفونها في المبادئ والتصورات الحركية أو المذهبية فإن ذلك لن يسعفها عندما تقتل محتلا وتكون حركتها أشبه بمحتل آخر يخرج المحتل الأول فهل يمدح على إخراجه؟ قطعا لا.