الخميس، 13 مايو 2010

رد الشبهات في أبينا آدم وأمنا حواء شبة 1و2

هناك الكثير من الروايات يفوح منها رائحة الوضع والاختلاق بما يجانب عصمة أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، ولذا أحببت في كل مرة نقل قصة تكون أقرب للاعتبار العقلي والشرعي مبتعدا عن روايات تخالف العقل وبديهياته في عصمتهم وطهارتهم، معتمدا في ذلك على الموسوعة الكبيرة بحار الأنوار للعلامة المجلسي عليه الرحمة:
رد الشبهات في أبينا آدم وأمنا حواء
الشبهة الأولى: هل تزوج أبناء آدم أخواتهم؟
الشبهة الثانية: هل خلقت حواء من ضلع آدم فيكون ينكح بعضه بعضا؟

الجواب: [علل الشرائع‏] ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ نُوَيْهِ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام كَيْفَ بَدَأَ النَّسْلُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ع فَإِنَّ عِنْدَنَا أُنَاساً يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى آدَمَ ع أَنْ يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ وَ إِنَّ هَذِهِ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ أَصْلُهُ مِنَ الْإِخْوَةِ وَ الْأَخَوَاتِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: سُبْحَانَ اللَّهِ وَ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً يَقُولُ مَنْ يَقُولُ هَذَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ أَصْلَ صَفْوَةِ خَلْقِهِ وَ أَحِبَّائِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ مِنْ حَرَامٍ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ مَا يَخْلُقُهُمْ مِنَ الْحَلَالِ وَ قَدْ أَخَذَ مِيثَاقَهُمْ عَلَى الْحَلَالِ وَ الطُّهْرِ الطَّيِّبِ وَ اللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَتْ‏ أَنَّ بَعْضَ الْبَهَائِمِ تَنَكَّرَتْ لَهُ أُخْتُهُ فَلَمَّا نَزَا عَلَيْهَا وَ نَزَلَ كُشِفَ لَهُ عَنْهَا وَ عَلِمَ أَنَّهَا أُخْتُهُ أَخْرَجَ غُرْمُولَهُ ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ بِأَسْنَانِهِ ثُمَّ قَلَعَهُ ثُمَّ خَرَّ مَيِّتاً.
قَالَ زُرَارَةُ: ثُمَّ سُئِلَ عليه السلام عَنْ خَلْقِ حَوَّاءَ وَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ أُنَاساً عِنْدَنَا يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ الْأَيْسَرِ الْأَقْصَى.
قَالَ عليه السلام: سُبْحَانَ اللَّهِ وَ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً يَقُولُ مَنْ يَقُولُ هَذَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ مَا يَخْلُقُ لآِدَمَ زَوْجَةً مِنْ غَيْرِ ضِلْعِهِ وَ جَعَلَ لِمُتَكَلِّمٍ مِنْ أَهْلِ التَّشْنِيعِ سَبِيلًا إِلَى الْكَلَامِ يَقُولُ إِنَّ آدَمَ كَانَ يَنْكِحُ بَعْضُهُ بَعْضاً إِذَا كَانَتْ مِنْ ضِلْعِهِ مَا لِهَؤُلَاءِ حَكَمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَهُ وَ أَلْقَى عَلَيْهِ السُّبَاتَ ثُمَّ ابْتَدَعَ لَهُ خَلْقاً ثُمَّ جَعَلَهَا فِي مَوْضِعِ النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَ ذَلِكَ لِكَيْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَبَعاً لِلرَّجُلِ فَأَقْبَلَتْ تَتَحَرَّكُ فَانْتَبَهَ لِتَحَرُّكِهَا فَلَمَّا انْتَبَهَ نُودِيَتْ أَنْ تَنَحَّيْ عَنْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا نَظَرَ إِلَى خَلْقٍ حَسَنٍ يُشْبِهُ صُورَتَهُ غَيْرَ أَنَّهَا أُنْثَى فَكَلَّمَهَا فَكَلَّمَتْهُ بِلُغَتِهِ
فَقَالَ لَهَا: مَنْ أَنْتِ.
فَقَالَتْ: خَلْقٌ خَلَقَنِيَ اللَّهُ كَمَا تَرَى فَقَالَ آدَمُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا الْخَلْقُ الْحَسَنُ الَّذِي قَدْ آنَسَنِي قُرْبُهُ وَ النَّظَرُ إِلَيْهِ.
فَقَالَ اللَّهُ –عز وجل-: هَذِهِ أَمَتِي حَوَّاءُ أَ فَتُحِبُّ أَنْ تَكُونَ مَعَكَ فَتُؤْنِسَكَ وَ تُحَدِّثَكَ وَ تَأْتَمِرَ لِأَمْرِكَ.
قَالَ: نَعَمْ يَا رَبِّ وَ لَكَ بِذَلِكَ الشُّكْرُ وَ الْحَمْدُ مَا بَقِيتُ فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَاخْطُبْهَا إِلَيَّ فَإِنَّهَا أَمَتِي وَ قَدْ تَصْلُحُ أَيْضاً لِلشَّهْوَةِ وَ أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّهْوَةَ وَ قَدْ عُلِّمَ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ.
فَقَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي أَخْطُبُهَا إِلَيْكَ فَمَا رِضَاكَ لِذَلِكَ.
قَالَ: رِضَايَ أَنْ تُعَلِّمَهَا مَعَالِمَ دِينِي. فَقَالَ: ذَلِكَ لَكَ يَا رَبِّ إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ.
فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: قَدْ شِئْتُ ذَلِكَ وَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَضُمَّهَا إِلَيْكَ.
فَقَالَ: أَقْبِلِي فَقَالَتْ: بَلْ أَنْتَ فَأَقْبِلْ إِلَيَّ.
فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لآِدَمَ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا فَقَامَ. وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَكُنَّ النِّسَاءُ هُنَّ يَذْهَبْنَ إِلَى الرِّجَالِ حِينَ خَطَبْنَ عَلَى أَنْفُسِهِنَ‏ فَهَذِهِ قِصَّةُ حَوَّاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا
بحارالأنوار ج : 11 ص : 221
أما الجواب عن ما يشكل من أن الآية في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )(1) تدل على أن أمنا حواء قد خلقت من نفس جسم آدم وبالتحديد من ظلعه الأيسر الأعوج فيكفينا في الجواب ما ذكره الفخر الرازي في تفسير الكبير الجزء الخامس ص35 عند تفسيره للآية الكريمة
قوله تعالى : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } فيه مسائل :
المسألة الأولى : المراد من هذا الزوج هو حواء ، وفي كون حواء مخلوقة من آدم قولان : الأول : وهو الذي عليه الأكثرون أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النوم ، ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى ، فلما استيقط رآها ومال اليها وألفها ، لأنها كانت مخلوقة من جزء من أجزائه ، واحتجوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن المرأة خلقت من ضلع أعوج فإن ذهبت تقيمها كسرتها وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها " .
والقول الثاني : وهو اختيار أبي مسلم الأصفهاني : أن المراد من قوله : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي من جنسها وهو كقوله تعالى : { والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } [ النحل : 72 ] وكقوله : { إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ } [ آل عمران : 164 ] وقوله : { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] قال القاضي : والقول الأول أقوى ، لكي يصح قوله : { خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة } إذ لو كانت حواء مخلوقة ابتداء لكان الناس مخلوقين من نفسين ، لا من نفس واحدة ، ويمكن أن يجاب عنه بأن كلمة «من» لابتداء الغاية ، فلما كان ابتداء التخليق والايجاد وقع بآدم عليه السلام صح أن يقال : خلقكم من نفس واحدة ، وأيضا فلما ثبت أنه تعالى قادر على خلق آدم من التراب كان قادرا أيضا على خلق حواء من التراب ، وإذا كان الأمر كذلك ، فأي فائدة في خلقها من ضلع من أضلاع آدم .

هناك تعليق واحد:

  1. في تفسير العياشي الرواية السابعة في سورة النساء عن عمرو بن أبى المقدام عن أبيه قال : سألت ابا جعفر عليه السلام من أي شيء خلق الله حوا؟ فقال، أي شيء يقولون هذا الخلق ؟ قلت، يقولون إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم، فقال: كذبوا، كان يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه؟ فقلت: جعلت فداك يا بن رسول الله من أي شيء خلقها، فقال: أخبرني أبى عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين، فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين فخلق منها آدم، وفضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء.
    وعلق الجزائري في قصص الأنبياء ص 33 (أقول) هذا الخبر معمول به بين أصحابنا رضوان الله عليهم وما ورد من أنه خلق من ضلع من أضلاعه وهو الضلع الأيسر القصير محمول على التقية أو على التأويل أو بأن يراد أن الطينة التي قررها الله سبحانه لذلك الضلع خلق منها حوا لا أنها خلقت منه بعد خلقه فإنه يلزم كما قال عليه السلام أن يكون آدم ينكح بعضه بعضا فيقوى بذلك مذهب المجوس في نكاح المحرمات.
    التأويل فربما ما ذهب إليه الفيض الكاشاني في تعليقه على الرواية في سورة النساء: أقول: لعل تأويل الضلع الايسر الجهة التي تلي الدنيا، فإنها أضعف من الجهة التي تلي العقبى، ولذلك تكون جهة الدنيا في الرجال أنقص من جهة العقبى، وبالعكس منهما في النساء.

    أما العلامة في تعليقه على الرواية أقول: و رواه الصدوق عن عمرو مثله، و هناك روايات أخر تدل على أنها خلقت من خلف آدم و هو أقصر أضلاعه من الجانب الأيسر، و كذا ورد في التوراة في الفصل الثاني من سفر التكوين، و هذا المعنى و إن لم يستلزم في نفسه محالا إلا أن الآيات القرآنية خالية عن الدلالة عليها كما تقدم.
    و في الاحتجاج، عن السجاد (عليه السلام) في حديث له مع قرشي يصف فيه تزويج هابيل بلوزا أخت قابيل و تزويج قابيل بأقليما أخت هابيل، قال: فقال له القرشي: فأولداهما؟ قال: نعم، فقال له القرشي: فهذا فعل المجوس اليوم، قال: فقال: إن المجوس فعلوا ذلك بعد التحريم من الله، ثم قال له: لا تنكر هذا إنما هي شرائع الله جرت، أ ليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها له؟ فكان ذلك شريعة من شرائعهم ثم أنزل الله التحريم بعد ذلك، الحديث.
    أقول: و هذا الذي ورد في الحديث هو الموافق لظاهر الكتاب و الاعتبار، و هناك روايات أخر تعارضها و هي تدل على أنهم تزوجوا بمن نزل إليهم من الحور و الجان و قد عرفت الحق في ذلك.

    ردحذف