اليوم الشرعي في الفقه تترتب عليه مجموعة من المسائل الشرعية المهمة جدا فمنها مثلا: إذا كنت مسافرا فما هو أقل ما يتحقق به الإقامة التي يجب معها الصلاة تامة من دون قصر ومتى يصح الصوم ومتى لا يصح في السفر؟ وهل يختلف في بداية حساب اليوم إذا نزلت في بلدة ما بالليل أو النهار؟ وهكذا للمرأة هل يختلف حساب أقل الحيض عندها على ابتداء خروج الدم ليلا أو نهارا؟ ومتى يقال لها أنه قد تجاوزت أكثر الحيض؟
وبعبارة أخرى أن في الفقه بعض المسائل تطرح هكذا: يصلي المسافر الصلاة الرباعية تماما إذا أقام عشرة أيام. أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة. وأقل الطهر للمرأة هو عشرة أيام.
فلو أن المسافر وصل إلى البلد الذي سيقيم فيه ليلا فمتى يحسب بداية اليوم ومتى تكون نهايته حتى يقال أنه قد أقام عشرة أيام؟ وماذا لو كان وصوله في النهار؟
ومتى يتحقق أقل الحيض وأكثره هل هناك فرق بين أن يكون بداية نزول الدم عليها في النهار أو الليل؟
مثل هذه الأسئلة تتحدد بمعرفة كيف يحسب اليوم في الفقه؟ ويترتب عليه مسائل تتعلق بصحة الصوم وعدمه ووجوب قضاءه وكذا بصحة الصلاة وعدمها وكذا بالقصر والتمام.
الظاهر أن المسألة أصبحت كبيرة ومتشعبة ولكن كل ذلك في التطبيقات الحساب الشرعي ولكن في طريقة الحساب إذا عرفناها سيسهل علينا التطبيقات المختلفة.
ولكن قبل بيان حساب اليوم الشرعي أريد ان أضع ملاحظة مهمة وهي: أن حساب اليوم يحقق شرطا من شروط الحكم للمسألة الفقهية أي أنه ومجموعة من الشروط إذا تحققت فإن الحكم يعتبر فعليا في حق المكلف وهذا ما يحتاج إلى توضيح اتركه بعد بيان كيفية حساب اليوم في المشاركات اللاحقة.
كيفية حساب اليوم الشرعي:
يختلف حساب اليوم الشرعي باختلاف مبدأ الحساب وباختلاف منتهى الحساب إلى ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أن يكون ابتداء حساب اليوم من وسط النهار فيكون منتهاه هو اليوم التالي في نفس الوقت أي 24 ساعة وهذا ما يعبر عنه باليوم التلفيقي أي اننا نكمل حساب اليوم الذي وصلنا فيه ونلفق له بما نقص منه من اليوم التالي مثلا: المسافر يقدم إلى بلد ما الساعة الثامنة صباحا يوم السبت فإنه يكمل يومه الشرعي الساعة الثامنة صباحا من يوم الأحد.
وعليه فحتى يكمل عشرة أيام كاملة وهي أقل الإقامة الشرعية التي يجب عليه أن يتم الصلاة ولا يجوز له أن يقصر فيها فإنه يكملها يوم الثلاثاء من الأسبوع الذي يليه الساعة الثامنة.
وطريقة الحساب هذه متفقة بين الفقهاء حسب تتبعي
الطريق الثاني: أن يكون ابتداء الحساب من أول النهار فيكون منتهاه هو أخر النهار ولكن يحتاج المكلف أن يعرف رأي مرجع التقليد الذي يعتمد عليه فالمسألة خلافية في بداية النهار وفي نهايته فبعض الفقهاء يرون الابتداء للنهار هو أول الفجر الصادق أي عند أذان الصبح والبعض الآخر يرى الابتداء عند أول شروق الشمس، وهكذا الاختلاف في النهاية فبعض الفقهاء يرى نهاية النهار بسقوط قرص الشمس والبعض الآخر يرى أن نهاية النهار عند ذهاب الحمرة المشرقية.
على كل حال فسنعبر في المثال ببداية النهار ونهايته بغض النظر عن الاختلاف الفقهي فكل يرجع إلى فقيهه لتحديد ذلك.
فإذا دخل المسافر بلد ما يوم السبت أول النهار بما بيناه فإن يومه الشرعي ينتهي بنهاية ذلك اليوم وحتى يكمل عشرة أيام كاملة فإنها ستنتهي يوم الاثنين عند نهاية النهار أي عشرة نهارات وتسعة ليل بينها.
الطريق الثالث: وهو نفس الطريقة في الطريق الثاني ولكن بإلغاء الليلة الأولى والليلة الأخيرة فلو أن المسافر وصل منتصف الليل فإن هذه الليلة لا تدخل في الحساب بل تلغى ويبدأ الحساب من أول النهار وهكذا لو أراد الخروج في الليل فإن الليلة الأخيرة لا تحتسب وإنما يحسب أخر النهار السابق على تلك الليلة.
وهكذا عرفنا كيف نحسب اليوم الشرعي بداية ونهاية ولكم بعض التطبيقات كي يسهل الأمر أكثر:
1. الاعتكاف في المساجد.
وهو أن يصوم المكلف ثلاثة أيام معتكفا للعبادة في المسجد - وبغض النظر عن الاختلاف الفقهي في نوعية المسجد لصلوحيته للاعتكاف - فإن الاعتكاف يبدأ من بداية نهار اليوم الأول - من الفجر أو طلوع الشمس على الخلاف بين الفقهاء كما مر - وينتهي في نهاية نهار وهو الغروب اليوم الثالث - كذلك على الخلاف بين الفقهاء في تعيين الغروب بين سقوط القرص أو زوال الحمرة المشرقية - فيكون مدة الاعتكاف ثلاثة نهارات ويتوسطهن ليلتين.
2. المرابطة على الحدود
وهو أن يمكث المكلف على حدود الدول الإسلامية لكي يكون عينها الساهرة عليها الراصدة لتحرك الأعداء وأقل المرابطة ثلاثة أيام وأكثرها أربعون يوما فإن قلّت الأيام عن الثلاثة لم يسمى مرابطة ولا يحصل على ثواب المرابطة بل يحصل على ثواب الحراسة للحدود لليوم الواحد أو اليومين وإذا زاد عن الأربعين يوما دخل ثوابه في المجاهدين. فلو نذر المكلف المرابطة فإنه لا يفي بنذره إلا أن يرابط بما لا يقل عن ثلاثة أيام شرعية كما بينا في طريقة حسابها إذا بدأ أو النهار أو بدأ ليلا أو بدأ في وسط النهار.
3. من أهم التطبيقات لحساب اليوم الشرعي ومن أعقدها هو باب الدماء الثلاثة للمرأة ـ الحيض - الاستحاضة - النفاس
الحيض مثالا:
المشهور عند الفقهاء أن أقل الحيض هو ثلاثة أيام متتالية وأكثره هو عشرة أيام متتالية فإذا نقص الدم عن الثلاثة أيام ولو بساعة واحدة فإن ذلك لا يعتبر عند مشهور الفقهاء حيضا حتى ولو كان الدم في وقت العادة. وهكذا لو تجاوز الدم على العشرة أيام فإن الزائد على العشرة أيام لا يعتر حيضا ولو كان بصفات الحيض.
إلى هنا تبدو المسالة سهلة جدا بعدما اتضح لنا كيفية حساب اليوم الشرعي، ولكن لما كان الحيض مرتبط بمجموعة من الشرائط بالإضافة إلى اختلاف القواعد في تحديد نوعية الدم أولا تكون المسألة معقدة نوعا ما.
ولكن حتى يسهل الأمر أطرح مثالا واحد لرأيين فقهيين مختلقين المثال لو أن المرأة لها عادة عددية في كل شهر ترى الدم خمسة أيام فلو أنه رأت الدم في هذا الشهر تسعة أيام خمسة أيام منه بصفة الحيض وأربعة أيام بصفة الاستحاضة فما هو حكمها؟
الجواب على حسب المبنى الفقهي
السيد السيستاني مثلا: يقول أن كل الدم ما دام لم يتجاوز العشرة الأيام سواء كان بصفات الاستحاضة أو الحيض فهو في حكم الحيض.
السيد الخوئي: يقول الدم الذي هو بصفات الحيض ما دام تجاوز الثلاثة أيام هو حيض أما الدم الذي بصفات الاستحاضة فهو استحاضة.
وأطرح مثالا آخر
إذا كان عادة المرأة عددية فقط وهي خمسة أيام في كل شهر وفي هذا الشهر رأت الدم إثنى عشرة يوما متتالية ولكن ما كان منه بصفات الحيض هو يومان فقط وما كان بصفات الاستحاضة هو عشرة أيام فما هو حكمها؟
الجواب
السيد السيستاني: أنها ترجع إلى عدد عادتها وهي الخمسة أيام مع مراعاة أن يكون اليومان اللذان بصفات الحيض من ضمن الخمسة أيام وباقي الأيام السبعة هي استحاضة.
السيد الخوئي: فإنه يرى أن كل الدم الإثنى عشر يوما استحاضة لان الدم الذي هو بصفات الحيض اقل من ثلاثة أيام.
وهناك ملاحظة بسيطة للتأكيد فقط أن العادة هنا عددية فقط وليست وقتية وإلا لاختلف الأمر
هنا سنرى كيف يبدو الاختلاف بين قاعدتين الأولى هي قاعدة الإمكان والثانية هي قاعدة الصفات. ولكن لما شرح مثل هاتين القاعدتين يطول سأجعل لهما موضوعا مستقلا في هذا المنتدى إن شاء الله
وعلى كل حال فمرادي من وضع المثالين للتطبيق كي أنور الأخوة والأخوات أن اليوم الشرعي ليس لوحده حاسم للمسائل الشرعية بل أن هناك مجموعة مترابطة من القواعد والأحكام تكون وحدة واحدة لفهم المسائل الشرعية وهذا ما يمكن أن نعبر عنه أحيانا بمفاتيح فهم الفقه.
شكرا لك اخي الكريم على هذا الموضوع الذي طلما بحثت عنه الا انه لم يشفي ما نفسي من بحث حول هذ اليوم
ردحذففمثلا متى يتم حساب ليلة القدر وماذا يقصد بمنتصف الليل وهل يقسم الليل الى نصفين نصف يعود الى اليوم الماضي ونصف يعود الى النصف الذي سيأتي وفي حالة الجواب كلا اي بمعنى ان كل الليل تابع لليوم الماضي فهل يمكن ان تكون صلاة المغرب في الساعة الوادة ليلا مثلا ارجو التفصيل وجزاك الله خير جزاء المحسنين